"كتار متلي بهالبلد. ما حصلوا ع شي منو غير الهوا بيتنفسوه. جدي كان أستاذ، علّم أجيال القراءة والكتابة. ولد بلبنان سنة 1907، وشارك بإحصاء 1932 بعد نشأة الجنسية اللبنانية. جبرو الجيش العثماني إنو يشارك حتى يقاتل معن. حصل عالهوية اللبنانية. بس إخوتو لا شاركوا بالإحصاء ولا حصلوا عالهوية. هربوا هني وخوفن وتخبّوا بالجبال. كلنا منتذكر بكتب التاريخ الكمين اللي تعرضولو الفرنساوية بوادي فيسان وراح منهن ضحايا كتيرة. خي جدي هو اللي قاد الثورة بوقتها. شارك بكتابة تاريخ لبنان، وبقي بلا هوية. تزوج جدي اللبناني من مرا مكتومة القيد. ما سجّل زواجو ولا ولادو. وصاروا اولادو متل إخوتو واولادن، مكتومي القيد، ومكتومي الجميل. ما في شاهد ع جميلن غير الطاحون الأثري اللي عمّرو جدي بإيديه بالضيعة وتسمّى عإسمو. وولد بيي وعاش بدون هوية. كان يقلي إنو وضعو متل وضع السجين اللي معو إثبات براءتو بس ما عندو صوت يطالب فيه بحقو. ونحنا ولادو صرنا مساجين متلو. ربيت ع قصص وطنية. متأثر بتضحية جدي وإخواتو. بس شو نفع وطنيتي إذا وطني مش معترف لي برقم سجل. بهوية أعطيها لولادي؟ ولادي الأربعة كلن بالمدرسة. كل شهر بيجيبو معن دفتر العلامات، بلاقين الأوائل. بختنق من الفخر والحسرة بالوقت نفسو، لأنو الطريق قدام علمن مسدود، وممنوع علين يقدمو ع الشهادات الرسمية. عم يحلموا من هلق بالتخصص. واحد بدو يصير ظابط بالجيش وواحد حكيم. شو بقلّن؟ سنة الـ 1993 قلت بدي جرّب آخر محاولة. رحت أنا وبيي نقدّم طلب ع مرسوم التجنيس وأنا مخنوق لأني رايح طالب بشي هو أصلاً حقي. سنة 1994 صدرت أسماء المقبولين بالجريدة الرسمية وصرت عم فتش ع إسمي وإسم بيي بين المجنسين من مختلف الجنسيات والدول، بس لا إسمي ولا إسم بيي كان موجود. نحنا اللبنانيي من وقت ما خلق لبنان. سألنا بالدواير الرسمية، قالولنا يمكن أسامينا "سقطت سهواً" وما فينا نعمل شي. ما بعرف مين لوم. إهمال جدي أو إهمال الدولة. بس بعرف إنو هالظلم اللي عشتو وعم ورتو لولادي، لازم ينتهي." ..